فيصل إبراهيم الشمري : السعودية تقود ثورة القوة الناعمة في الرياضة

كتب فيصل إبراهيم الشمري الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي , مقالة قال فيها : إن القوة الناعمة هي قدرة الدولة (السعودية) على كسب تأييد الآخرين وإقناعهم دون استخدام القوة ، وذلك لتحقيق مصالح مشتركة بين جميع الأطراف في ساحة السياسة الدولية , تتمتع المملكة العربية السعودية بمزيج من القوة الصلبة والناعمة، وتستخدمهما بحكمة وتوازن. لقد قدمت المملكة للعالم التعريف المثالي للقوة الناعمة وكيفية تطبيقها.
وتبرز أهمية هذا المفهوم من خلال الدور المتزايد للمملكة في العديد من الأنشطة والمجالات , تستخدم السعودية القوة الناعمة لكسب الرأي العام العالمي ، والأهم من ذلك ، لتعزيز الازدهار. وبمعنى آخر، على عكس العديد من الدول التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة فقط، تسعى السعودية لتحقيق الخير الجماعي لجميع الدول والمجموعات والمجتمعات والأفراد.

ومن الأمثلة البارزة على ذلك النجاح الذي حققته المملكة في مجال الرياضة، وخاصة في إنقاذ رياضة الملاكمة من التراجع، حيث شهدت المملكة وخارجها تنظيم أكبر النزالات في الذاكرة الحديثة , كانت رياضة الملاكمة تعاني من تراجع لعدة سنوات ، ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعود رياضات القتال المختلطة، وخاصة بطولة القتال النهائي (UFC).
كما أن الملاكمة فقدت بعضًا من بريقها بسبب غياب النجوم الكبار مثل محمد علي ومايك تايسون وغيرهم. بالإضافة إلى ذلك ، انخفضت نسبة المشاهدة بسبب نموذج الدفع مقابل المشاهدة الذي يحد من وصول الجمهور إلى النزالات الكبرى , كما أثارت مخاوف تتعلق بالسلامة في الرياضة، خاصة في النسخ الأكثر عنفًا مثل القتال بالقبضات العارية، حيث لا يرتدي المقاتلون أي قفازات، مما يؤدي إلى نتائج وحشية تتمثل في الأيدي والوجوه الدامية.
إضافة إلى ذلك، تعاني الملاكمة من سوء التسويق بسبب مجموعة واسعة من المروجين الذين يعملون لمصالحهم الشخصية، والهيئات التنظيمية المجزأة التي لا تهتم بجمع أفضل المقاتلين في كل فئة. وعلى الرغم من هذه السلبيات، لا تزال الملاكمة تمتلك جمهورًا ضخمًا ومخلصًا عندما يتم تنظيمها بشكل صحيح.
لقد أدى التأثير المتزايد للثورة المعلوماتية والعولمة إلى تزايد أهمية أشكال القوة الناعمة، والتي وجدت أفضل تعبير لها في السياسات السعودية , ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، اقترحت السعودية توحيد رياضة الملاكمة تحت رابطة موحدة. وضمن هذا الهيكل، سيواجه أفضل المقاتلين بعضهم البعض، مع توزيع الإيرادات بالتساوي بين جميع الأطراف المعنية.
إن تأسيس رابطة ملاكمة عالمية تحت إشراف السعودية سيعيد إحياء هذه الرياضة. وهذا يمثل استمرارية للسياسات الممتازة التي نفذتها المملكة في رياضات أخرى مثل الجولف وكرة القدم وحتى الكريكيت , وسيتم تمويل هذا المشروع من خلال صندوق الاستثمارات العامة العملاق في السعودية. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الاستثمار يبلغ ملياري دولار. وستضم الرابطة 12 فئة وزنية تشمل أفضل المقاتلين في العالم , حتى الآن، وقع 200 من أفضل الملاكمين في العالم على الخطة، مما يعني أن كل فئة وزنية سيكون لديها ما لا يقل عن 15 مقاتلًا بارزًا، مع إمكانية زيادة العدد مع نمو الرابطة.
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن رئيس الهيئة العامة للترفيه، تركي آل الشيخ، هو “في قلب الخطط لإعادة هيكلة الملاكمة، وأشار إلى ذلك في مقابلة حديثة مع ESPN حيث قال إنه يخطط لـ‘إصلاح’ رياضة ‘مكسورة’.” , تُعلّم السعودية العالم كيف يمكن للدول أن تُحدث تحولًا استراتيجيًا من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة. وهذا يعكس التحول الأكبر الذي تشهده المملكة داخليًا وعلى الساحة الدولية. تعمل المملكة مع الحكومات الوطنية وأصحاب المصلحة في القطاع الخاص لاستثمار القوة الناعمة واكتسابها.
إن الآلية التي توظفها المملكة في القوة الناعمة ستجذب العديد من النزالات المثيرة إلى السعودية لجمهور عالمي. وتتمتع المملكة بالقدرة على الحفاظ على تنافسيتها الدولية في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة والصين كمنافسين رئيسيين , وأخيرًا، فإن التأثير المتزايد للثورة المعلوماتية والعولمة أدى إلى تزايد أهمية أشكال القوة الناعمة، والتي وجدت أفضل تعبير لها في السياسات السعودية.