كتاب “الموثق في الأنساب” لعراك الفريسي الجربا يبحث في تسمية “شمر” ونسبها

خالد الخريصي – حفر الباطن
يلقي كتاب “الموثق في الأنساب” الضوء على قبيلة من أشهر قبائل العرب في تاريخها القديم والحديث وهي قبيلة شمر التي تمتد من جنوب الجزيرة العربية واوسطها في نجد حتى العراق وسوريا والمغرب العربي ، ويتناول المؤلف عراك الفريسي الجربا تاريخ قبيلة شمر وعشائرها وتفرعاتها وأسرها في بابين , تناول في الأول عشائر زوبع (بني ياس وسنجارة وعشائر عبدة وعشائر الأسلم) وفي الثاني عشائر واسر قبيلة شمر وعشيرة آل جري وشمر طوقة والرشيدات.
في مستهل الكتاب يسوق المؤلف سبب تسمية شمر بهذا الاسم وهناك روايتان حول اسم شمر كما يرى النسابون:
الرواية الأولى : أن اسم شمر لشخص من القبائل القحطانية كانت له الكلمة على الأحلاف أثناء الهجرة والاستقرار في جبل طي، وذكر ابن الأثير الجزري في كتابه (اللباب في تهذيب الأنساب) أن اسم شمر نسبة إلى شمر بن عبد بن جذيمة بن ثعلبة بن سلامان بن عمرو بن الغوث بن طي وهي بطن من طي منهم القيس بن شمر وهو الذي ذكره امرؤ القيس فقال: (وهل أنا لاقِ حي قيس بن شمّرا).
الرواية الثانية : وهي مؤكدة كما يقول المؤلف ورجحها الرواة والنسابة، وهي أن اسم شمر ما هو إلا لقب أطلق على الأحلاف أثناء الهجرة والاستقرار عندما تحالفوا وشمروا سواعدهم وبنوا كيان هذه القبيلة الذي أطلق عليها اسم (شمر) فبعضها يمت بنسبه إلى قبيلة طي القحطانية القديمة، ويُعد هذا القسم هو أصل شمّر وبعضها يمت بنسبه إلى قبائل قحطانية أخرى وبعضها إلى قبائل عدنانية والبعض إلى أشراف مكة (الهواشم) اشتهروا باسم شمر كما اشتهرت جبال طي باسمهم وهي في منطقة حائل بالشمال الغربي من هضبة نجد (الهضبة الوسطى) في جبلي إجاء وسلمى.
وذكر حافظ وهبة في كتابه (جزيرة العرب في القرن العشرين) أن اسم جبل شمر يُطلق على السهل الواسع الممتد بين جبلي إجاء وسلمى الذي تسكنه قبائل شمر وعاصمته (حايل).
وقال العزاوي في كتابه (عشائر العراق) إن شمر ليس جداً إنما هو وصف لحق بهم ، نزح منهم قسم كبير إلى الجزيرة الفراتية في بادية العراق وبادية الشام وبقي منها قسم في موطنها الأصلي في نجد وان كانت انفصلت جغرافياً، إلا أنها هنا وهناك واحدة وأواصر الرحم بينها محكمة مما يجدد ويقوي أواصر القربى.
ويذكر المؤلف الجربا في كتابه حديثاً عن دار الإرشاد للنشر في حمص تفريع عشائر شمر الذي اختلفت فيه الأقوال وتضاربت مما جعل الباحثين يحتارون ويأخذون بالظن والترجيح ويقبلون بوجود ثغرات وشوارد كما قال المستشرق مونتاني ولم تبلغ هذه الأقوال الغاية من الصحة والدقة لكونها مقسومة إلى قسمين في نجد والجزيرة الفراتية متباعدة عن بعضها وتتأرجح فروعها بين الزيادة والنقص. ويرى المؤلف أن قبيلة شمر ذات امتداد جغرافي بدءاً من جنوب الجزيرة العربية وأوسطها في نجد حتى العراق وسورية والمغرب العربي وبالرغم من الجدل والكلام الكثير الذي يردده عوام الناس بأن قبيلة شمر كلها قحطانية إلا أن أدلة ذلك واهية وهذا الزعم كما يرى المؤلف مخالف للسنن والأعراف الزمانية والمكانية فأغلب القبائل العربية وإن لم يكن كلها عبارة عن أحلاف من قبائل أخرى اندمجت تحت مظلة واحدة وكان لها كلمتها وسطوتها وهذا ليس عيباً أو مثلبة وشمر ما هي إلا قبيلة تكونت بالأحلاف بالرغم من اختلاط عشائرها بين عدنانية وقحطانية.
ويتناول المؤلف بعد ذلك هجرات شمر وأولاها هجرتها من موطنها الأصلي بنجد الذي كان على فترات زمنية متعددة ولأسباب خاصة من أهمها الأحوال الاقتصادية، قلة الأمطار وانقطاعها في بعض السنوات مما أصاب الأرض بمحل وجدب شديدين جعل الشمريين يبحثون عن الكلأ والمراعي الجديدة التي كانت حياة العرب مرتبطة بها.
وأول هجرة شمرية كانت عام 969 للهجرة لعشيرة الأسلم ومن معهم من سنجارة وعبدة إلى أرض العراق وهي خصبة وغنية بالمراعي والزراعة والهجرة الثانية كانت عام 1205ه وكانت بقيادة الشيخ مطلق بن الحميدي الأمسح (الجربا) شيخ قبيلة شمر لبادية العراق بعد مقتل أخيه الشيخ قرينيس وابنه مسلط (الدواي) في معركة العدوة وكانت هذه الهجرة بعد معركة العدوة عام 1205ه وكان من أهم أسبابها سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية وكان طريق مسيرتها باتجاه الحجاز لطلب المساعدة من شريف مكة لما يربطه من قرابة من شيوخ شمر الجربان وحالت ظروف خاصة بينهم وبين مساعدة شريف مكة.
يعرض المؤلف عراك الفريسي بعد ذلك لبعض بطون قبيلة شمر ومنها زوبع التي تضم القسم الأكبر من عشائر هذه القبيلة وموطنها الأصلي في الشمال الغربي من هضبة نجد (منطقة حائل) وما جاورها كالنفوذ الكبير والغوطة والعصام وجبال أجاء والحضن حبران والمسما وتيماء والجوف. ومن اشهر ألقاب زوبع كما يقول المؤلف زينين المحازم، ولزوبع شهرتها وسمعتها الطيبة واشتهرت بنخوة أبنائها (خيَال الخيل زوبعي) وهم لا يزالون محافظين على لهجتهم البدوية وتقاليدهم وعاداتهم الأصيلة. وتنقسم زوبع إلى قسمين هما بني ياس وسنجارة ومن أفخاذ بني ياس من زوبع الفلاح والخرصة والعمود والصبحي، أما أفخاذ سنجارة من زوبع فهم الغفيلة والزميل والفداعة والثابت والمثلوثة وهذا يشير إلى أن قسمي بني ياس وسنجارة هما القسمان الأساسيان لزوبع على العكس من المفهوم السائد بين الناس الآن من أن سنجارة من بطون شمر الرئيسية والصحيح كما يقول المؤلف أن زوبع تشمل بني ياس وسنجارة وزوبع لقب وليس جداً ويعرض المؤلف بعد ذلك لنسب بني ياس وفي ذلك كما يرى قولان:
القول الأول: إنهم أولاد ياس بن قبيصة بن أبي عفر بن النعمان بن حية بن سعنة بن الحارث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سفر بن هني بن عمرو بن الغوث بن طي، وياس هو الذي ولاه كسرى على الحيرة خلفاً للنعمان وهو قائد العرب والفرس يوم ذي قار (معركة بني شيبان) وذكر بعض علماء الأحساء أن أهل الجزء الجنوبي الشرقي من جزيرة العرب من ينتسبون الى ياس وياس هو هذا الرجل الطائي.
والقول الثاني: هو ما ذكره عبد الرحمن المغيري اللامي الطائي في كتابه (المنتخب في ذكر أنساب العرب) إنهم في ياس بن الغوث بن طي. وأما القول الثالث: إن ياس هذا حلف وليس جداً وهذا عليه كثير من المرجحين الذين يقدمون الأنسب على النسب. ويعرض المؤلف بعد ذلك عشائر بني ياس ومنهم الفلاح والخرصة والعمود والصبحي.
يخصص المؤلف القسم الثاني من كتابه للحديث عن سنجارة وهي بطن من زوبع طي وهم العقيلة والفداغة والزميل والثابت وهناك روايتان متراجحتان حول اسم سنجارة عند رواة قبيلة شمر والباحثين.
الرواية الأولى: إن سنجارة اسم للجارية التي كانت عند أبيهم بعد وفاة أمهم الحقيقية وقامت بتربيتهم ولحقهم هذا الاسم وانتسبوا إليه.
الرواية الثانية: وهي المؤكدة عند الرواة أن سنجارة أمهم الحقيقية وهي أخت سلقاء أم السلامة (السلقاء) من قبيلة عنزة من فخذ العمارات ومن بطون سنجارة الرمال والقني والغيث والمرامشة والبيطن والمصيول والجرذان والضويلة.